حبيب الروح عضوء نشيط
عدد المساهمات : 53 تاريخ التسجيل : 30/04/2011
| موضوع: الخريطة البشرية في تطوير الذات الأحد مايو 22, 2011 1:26 pm | |
| السلام عليكم ان تطوير الذات أكثر أهمية من تطوير المشاريع والأنظمة داخل فلك تلك الأعمال، فتطوير الذات وسبر أغوارها والتعرف على قاعدة البيانات الجاثمة داخل نفسك البشرية هي بمثابة التعرف على خريطة إحدى المدن الكبيرة التي تود معرفة شوارعها وحدائقها ووزاراتها وأماكنها العامة، فالذات ما هي إلا مجموعة العمليات التي نستعين بها في التفكير عن أنفسنا، وهي عبارة عن مجموعة الخبرات والمواقف والشواهد التي اختزنتها الذاكرة البشرية عبر السنين والأيام، ومفهوم الإنسان عن ذاته الذي ظل قاصراً ومتراجعاً ردحاً من الزمن حتى وقتنا هذا هو من أسباب تأخرنا، فالكثير منا يعرف عن الطبيعة والتاريخ ومعادلات الفيزياء أحيانا أكثر من نفسه، علماً أن تلك النفس لا تنفك عنه سواء في اليقظة أو المنام، وحريا بالإنسان أن تكون تلك النفس من أهم أولوياته للكشف عن أسرارها وسبر أغوارها، وأنا هنا لا أريد للإنسان أن يخوض في التفاصيل المعقدة ويجنح إلى
الجزئيات التي قد تضر أكثر مما تفيد، ولكنني أريد منه معرفة أسرار تلك النفس والتعرف على الخصائص التي يتميز بها ذلك الشخص سواء كانت تلك الخصائص سلبية أم إيجابية، وتفهمك لذاتك بمثابة الخريطة التي رسمتها لنفسك التي تقوم على تعريفك بموقعك ومساعدتك على إيجاد طريقك بشكل دقيق وواضح، ومعرفة النفس البشرية وما يخالجها من أنماط ومشاعر وأحاسيس وقيّم ومخزون خبراتي يعطي الإنسان دليلا واضحا لمعرفة الانعكاس السلوكي الظاهر للعيان لتلك النفس البشرية، وعندما يتعرف الإنسان على (الكتالوج) الداخلي للنفس البشرية فإنه بالضرورة سوف يتعامل مع البيئة المحيطة الخارجية بالشكل الإيجابي والأسلوب الفاعل، وما معرفتك أنماط الشخصية التي يمتلكها الآخرون والصفات التي يتميزون بها من نمط سمعي أو بصري أو حسي وما إلى تلك الصفات الداخلة في علم أنماط الشخصية، إلا دلالة واضحة ومؤكدة على قيامك بدور فاعل في تلك الحياة، وركائز معرفة الشخصية وسبر أغوارها وقراءة المرآة الداخلية بشكل إيجابي ومعرفة المحيط الخارجي وانعكاساته على تلك المرآة، هو العلاج الناجح لنجاح الشخصيات والأفراد، وتطوير الذات بعد معرفة خصائصها وتكويناتها ونقاط القوة والضعف يعد الأسلوب الأمثل لتحقيق الأهداف واللعب في مساحة المتاح، فالكل من يتميز بمزايا إيجابية عدة ولكنها في الغالب كامنة داخل الإنسان فقد يتوفى وهو لا يعرف تلك الخصائص الإيجابية، وبالتالي تعطيل الاستفادة منها في حياته وأخرته، بل إنك لو سألته عن تلك الخصائص لأفادك أنه لم يقف يوماً على مثل تلك الأمور وسيفاجأ بالسؤال والطرح، وكذلك هي الخصائص السلبية التي هي عادة ما تكون أحد أهم تلك العوائق التي تكبل أرجل من يعايشها إذا لم يستطع معرفتها ومحاولة التعلم من الأخطاء السابقة وتحويلها إلى نجاحات وخبرات يستفيد منها، فيجب أن تنبهك الأخطاء السابقة إلى موقع وزمان خطواتك التي يجب أن تتخذها كي تستفيد من أن تؤدي أداء أكثر إتقانا وكفاءة في التجارب القادمة، تطوير الذات يشمل الوقفة مع النفس وتطويرها على المناحي كافة سواء العلمي أو السلوكي أو المعرفي أو التطوير الاجتماعي والثقافي وما إلى ذلك من طرائق التطوير، فعلى المستوى العلمي يجب أن تكون حاضراً على كل ما يتم في عالم العلم والمعرفة وأن تتعرف على النوافذ المغلقة وأن تفتح الأبواب وتشرعها لمعرفة ما يدور في تلك الأفلاك، وعلى المستوى الثقافي يجب أن تكون على اطلاع على كل ما يدور من حولك في جميع مناحي علم الثقافة وعلى
اختلاف أطيافها، ويجب أن يكون هناك تطوير وتدريب لذاتك من خلال الدخول في الدورات التدريبية على إشكالها كافة مرة كل شهر على أقل تقدير، وكذلك تطوير الذات في الجانب الأخلاقي والإسلامي والديني وما يشمله ذلك التطوير من تفعيل إيجابي لقيم التسامح والعفو والصفح والحوار المفتوح وسماع الآخر واحترام الأفكار والآراء المعارضة والمتعارضة مع قيمك، وكذلك يجب أن يكون هناك تطوير على المستوى المالي ومعرفة الدوائر التي تدور حول أفلاك المال والأعمال وليس بالضرورة أن يصبح الإنسان تاجرا ولكن يجب معرفة ما يدور في تلك الدوائر المالية، تطوير الذات عملية معقدة وتحتاج إلى برنامج زمني مستمر وعمل دؤوب فقد يبقى الإنسان على مرحلة عمرية محدّدة دون أن يكون هناك تطوير لذلك الشخص، وقد
يكون أحدنا عمره 30 عاماً ثم تشاهده بعد عشر سنوات أو أكثر فتجده ذلك الإنسان الذي رأيته من قبل، بل إنه يتراجع ويتقهقر عن الركب لأنه أعتقد أن الحياة مجرد تأدية واجب الوظيفة وواجبات البيت ومن ثم كل شيء ينتهي. إن الحياة أيها السادة أعظم من ذلك بكثير فهي مرتبطة بالآخرة، فالتطوير يجب أن يشمل الجانبين الدنيوي والأخروي حتى نستطيع أن نكون متسامحين مع أنفسنا ومع الآخرين عندما نحقق معادلة تطوير الذات وليس جلدها. | |
|